هل بإمكان الرسائل اللاشعورية أن تقنع الأفراد بشراء المنتجات ؟
يعرف الكثير منا أن علماء النفس والمعلنين يمكنهم أن يعرضوا علينا الصور والأصوات لمدة قصيرة للغاية أو بصوت واهن جدٍّا حتى إننا لا نستطيع أن ندركها. ولكن هل يمكن أن تؤثر هذه المثيرات الضعيفة على سلوكنا بقوة؟ هناك صناعة تسعى إلى الربح تأمل أن يكون اعتقادك أن الإجابة هي "نعم" .
يقحم بعض المروجين هذا النوع من الرسائل فائقة الضعف أو "اللاشعورية" في عالم الدعاية والإعلان، في حين أصبح آخرون منهم من رواد حركة مساعدة الذات التي تشهد ازدهارًا سريعًا.
شبكة الإنترنت، والمعارض التي ينظمها أنصار حركة العصرالجديد ومجلاتهم، والصحف الصفراء و "البرامج الإعلانية" التليفزيونية التي تذاع في وقت متأخر من الليل، والمكتبات، كلها تروج لأسطوانات مدمجة وشرائط تعد بأن تمنح من يشتريها الصحة والثروة والحكمة. من بين الشرائط التي نفضلها شخصيٍّا تلك التي تعد بتكبير الثدي، أو التخلص من الإمساك، أو تحسين الحياة الجنسية، أو الشفاء من الصمم (مع أن الآلية التي يستطيع من خلالها شخص أصم أن يلتقط الأصوات اللاشعورية لا تزال أمرًا مبهمًا حقٍّا.) إذا أخذنا في الاعتبار الترويج واسع الانتشار لعملية الإقناع اللاشعوري الذي تطلقه أوساط علم النفس الشعبي، فلن نندهش عندما نعرف أن ٥٩ ٪ من طلاب علم النفس بالجامعات الذين اختبرهم لاري براون ( ١٩٨٣ )، و ٨٣ ٪ من أولئك الذين اختبرتهم أنيت تايلور وباتريشيا كوالسكي قالوا إنهم يظنون أن هذا النوع من الإقناع ناجح.
ومن المثير للدهشة أن هناك دلائل تشير إلى أنه عند التحكم الجيد في بيئة المعمل يتمكن علماء النفس من إثبات وجود تأثيرات لاشعورية قصيرة الأجل ومتواضعة.
في هذه التجارب يعرض الباحثون كلمات أو صورًا "تحضيرية" على إحدى الشاشات لمدة قصيرة للغاية حتى إن المشاهدين لا يدركون محتوى ما ومض على الشاشة.
في لغة علم النفس تزيد المثيرات التحضيرية أو المبدئية من السرعة أو الدقة التي سنتعرف بها على مثير لاحق. بعد ذلك يحدد القائمون على التجربة هل أثرت المعاني أو المحتوى الشعوري للمثيرات التحضيرية على استجابات المشاركين للمهمة المطلوبة منهم أم لا عن طريق إعطائهم كلمة ليكملوا الحروف الناقصة بها أو صورة لشخص ليقيموا المشاعر البادية عليه فيها.
يقدم لنا مثلًا نيكولاس إيبلي وزملاؤه وصفًا لإحدى التجارب التي طلب الباحثون خلالها من طلاب الدراسات العليا بقسم علم النفس أن يطرحوا أفكارًا جديدة لمشاريع الأبحاث (إيبلي، وسافيتسكي، كاشيلسكاي، ١٩٩٩ ) بعدها عرض الباحثون على الطلاب صورًا تومض ثم تختفي من الشاشة بسرعة فائقة تبين إما وجهًا مبتسمًا لأحد زملائهم أو وجه مشرف كليتهم العابس. لم يفهم الطلاب أي شيء من هذه المثيرات سوى أنها ومضات ضوئية. ثم بعدها أخذ الطلاب في تقييم جودة الأفكار البحثية التي قدموها. كان إعجاب الطلاب الذين عُرضت عليهم صور المشرف العابس بأفكارهم هم أنفسهم أقل من إعجاب أولئك الذين عُرضت عليهم صور زميلهم المبتسم، دون أن يعرفوا السبب وراء ذلك.
بإمكان الباحثين أن يؤثروا بنفس هذه الطريقة على السلوكيات اللفظية، فحينما تتكرر فكرة معينة في سلسلة من الكلمات التحضيرية التي تومضثم تختفي بسرعة بحيث لا يدركها المشاهدون، قد تزداد احتمالية أن يختار المشاركون كلمة ذات صلة .( بهذه الفكرة عندما تعرض عليهم مجموعة من الكلمات البديلة (ميريكل، ١٩٩2) .
على سبيل المثال: إذا عرضنا على أحد المشاركين في التجربة حرفين مثل "دل" و طلبنا منه أن يكون كلمة كاملة، قد يختار هذا الشخص كلمة "دليل" أو "دلو" وتظهر الأبحاث أننا يمكن أن نعزز احتمال أن يختار الأفراد المشاركون كلمة "دليل" من خلال توجيههم لذلك بعرض صور تحضيرية لاشعورية عليهم لكلمات مثل "مرشد" و "قائد" و "مرافق" ,في حين يمكن أن نزيد من احتمال اختيارهم لكلمة "دلو" من خلال عرض صور تحضيرية لاشعورية لكلمات مثل "إناء" , "وعاء" و "سطل" .
تعني كلمة "لاشعورية" أنها "تحت عتبة الشعور" و عتبة الشعور - المعروفة أكثر ب " العتبة الحسية " - هي ذلك النطاق الضيق الذي يتحول فيه مثير متناقص يكاد يكون ملحوظًا إلى مثير يكاد يكون غير ملحوظ. وفي حالة كون المثير كلمة أو عبارة، فأول عائق عليه أن يتخطاه هو " عتبة الملاحظة البسيطة " , وهذه هي النقطة التي يبدأ المشاركون عندها في الإدراك بصعوبة أن الباحث قد عرض عليهم شيئًا، ولكنهم لا يستطيعون أن يحددوا "ماهية" ما رأوه أو سمعوه .
يتعين على الباحث أن يعرض المثير لمدة أطول وبقوة أكبر حتى يصل المشاركون إلى المرحلة التالية من الإدراك، ألا وهي "عتبة التمييز" و تلك هي النقطة التي يتمكن المشاركون عندها من أن يحددوا ما سمعوه أو ما رأوه. إذا كانت مدة عرض المثير ضئيلة للغاية، أو إذا غطت الضجة عليه تمامًا لدرجة جعلته غير قادر على إثارة استجابة نفسية بعين المستقبل أو أذنه، فلا يمكن له أن يؤثر على أي شيء يفكر فيه أو يشعر به أو يفعله هذا الشخص. في بعض الأحيان يمكن للرسائل الموجودة بالمنطقة الرمادية ما بين عتبتي الملاحظة والتمييز، أو ببساطة تلك التي لا ننتبه لها، أن تؤثر على مشاعرنا أو سلوكنا.
يعلق القائمون على مجال مساعدة الذات بالأساليب اللاشعورية آمالهم على أن يصدق الناس الادعاء القائل إن المخ يستوعب المعاني المركبة للعبارات التي تعرض عليه بمستويات متضائلة للغاية أو مغمورة بمثيرات أقوى تطغى عليها ويعمل وفقًا لهذه المعاني. والأكثر من ذلك أنهم يزعمون أن هذه المثيرات اللاشعورية المستترة شديدة الفعالية لأنها تتسلل إلى داخل اللاوعي، حيث يمكنها أن تحرك خيوطك كأنها محرك الدمى الذي يختفي خلف الستار. هل يجب أن يشعرك ذلك بالقلق؟ واصل القراءة.
يسلم علم النفس الحديث بأن معظم عمليات المعالجة العقلية تحدث خارج نطاق الوعي المباشر؛ فالمخ يتعامل مع أكثر من مهمة في وقت واحد دون أن يراقبها بوعي (كيلستورم، ١٩٨٧ ؛ لين وريو، ١٩٩٤ )، ولكن هذا بعيد كل البعد عن نوعية المعالجة غير الواعية التي يتخيلها أنصار المؤثرات اللاشعورية المنتمون إلى علم النفس الشعبي، فهؤلاء الأشخاص لا يزالون يعيشون في العصر الذهبي للآراء الفرويدية الصارمة عن اللاوعي؛ تلك الآراء التي نبذها منذ أمد بعيد أخصائيو علم النفس الذين يسيرون وفق المنهج العلمي (باورز، ١٩٨٧ )، فهم ينظرون إلى اللاوعي — مثلما ينظر إليه فرويد — على أنه مكمن النوازع البدائية التي تكون نوازع جنسية في معظمها والتي تعمل خارج وعينا لكي تفرض علينا اختياراتنا.
في كتابه "المقنعون الخفيون" الذي حقق مبيعات مذهلة في عام ١٩٥٧ ، تناول فانس باكارد ذلك المنظور للاوعي بأسلوب مبسط؛ فقد أقر — من دون توجيه أي انتقادات — القصة التي رواها خبير التسويق جيمس فيكاري عن التجربة الناجحة التي يفترض أنه أجراها بواحدة من دور العرض بمنطقة فورت لي بنيوجيرسي، والتي بث خلالها إعلانًا دعائيٍّا من خلال الرسائل اللاشعورية. زعم فيكاري أنه خلال عرض أحد الأفلام، كرر بث الرسائل التي تحث المشاهدين على شراء الفشار والكوكاكولا، وكانت هذه الرسائل تومض على الشاشة مدة لا تتعدى ١ /3000 جزء من الثانية ثم تختفي. قال فيكاري: إن أرقام مبيعات الفشار والكوكاكولا قفزت خلال الأسابيع الستة التي استغرقتها هذه "التجربة" مع أن رواد السينما لم يكونوا على وعي بهذه الأوامر التي عُرضت عليهم. وحظيت النتائج التي توصل إليها فيكاري بقبول واسع لدى العوام، مع أنه لم يقدمها قط إلى أي من المجلات العلمية لكي تتفحصها، ولم يتمكن أحد من التوصل إلى نتائج مماثلة لها مرة أخرى. وبعد أن تعرض لكثير من النقد، اعترف فيكاري أخيرًا في عام ١٩٦٢ أنه قد اختلق القصة بأكملها في محاولة منه لإنعاش مشروعه التجاري بمجال استشارات التسويق الذي كان يمر بحالة من التراجع (مور، ١٩٩٢ ؛ براتكانيز، ١٩٩2 ) .
لم ينجح اعتراف فيكاري في تخفيف موجة الاتهامات المتكلفة الموجهة ضد القائمين على صناعة الدعاية والإعلان بوصفهم يوجهون العامة الغافلين حسني النية من خلال الوسائل اللاشعورية. في سلسلة من الكتب تحمل عناوين مثيرة مثل كتاب "الإغواء اللاشعوري " (1973) زعم ويلسون براين كي، أستاذ علم النفس السابق، أن القائمين على صناعة الإعلان يحيكون المؤامرات من أجل التأثير على اختيارات المستهلك عن طريق تضمين صور جنسية ضبابية ضمن إعلانات المجلات والإعلانات التليفزيونية التي تصور قوالب الثلج، وأطباق الطعام، وقصات شعر العارضات، وحتى صور البسكويت. حذر كي بشدة من أن التعرض لهذه الصور المقنعة حتى ولو مرة واحدة يمتد تأثيره على اختيارات المستهلك لأسابيع.
لم يقدم كي أي دلائل حقيقية يدعم بها مزاعمه، إلا أن حالة القلق العامة دفعت لجنة الاتصالات الفيدرالية إلى أن تحقق في مزاعمه. لم تتوصل لجنة الاتصالات الفيدرالية إلى أي دلائل على أن الإعلانات التي تستخدم رسائل لاشعورية تنجح في أغراضها، ولكنها أعلنت مع ذلك أن هذا النوع من الإعلانات " يضر بمصلحة الجمهور" وحذرت محطات البث المرخصة من استخدام هذه الوسائل. والأكثر من ذلك أن الجمعيات التجارية للعاملين في مجال الإعلان — في محاولة منها لامتصاص غضب الجمهور — فرضت قيودًا طوعية طالبة من أعضائها أن يبتعدوا عن محاولات "الضرب تحت حزام الوعي" إن جاز التعبير.
مع أن فيكاري محتال صريح، ومع أن كي لم يُخضع آراءه الغريبة لاختبار حقيقي، فلا يزال البعض يعتقدون أن المزاعم المؤيدة لعملية الإقناع اللاشعوري جديرة بالبحث. ولذا أجرت هيئة الإذاعة الكندية في عام ١٩٥٨ اختبارًا غير مسبوق شمل كل أنحاء كندا. أثناء عرض أحد البرامج التليفزيونية الشهيرة في ليلة الأحد أبلغت الهيئة المشاهدين أن المحطة على وشك أن تجري اختبارًا لآليات الإقناع اللاشعوري. ثم بثت هيئة الإذاعة الكندية بعدها عبارة " اتصل الآن " 352 مرة خلال البرنامج بحيث تظهر هذه العبارة وتختفي بسرعة فائقة لا يستطيع المشاهدون معها أن يلاحظوا ظهورها. لم تشر سجلات شركة التليفونات إلى أي ارتفاع في معدل استخدام الهاتف، ولم يُلحظ وجود زيادة كبيرة في المكالمات الهاتفية التي تلقتها قنوات التليفزيون المحلية، إلا أن قلة من المشاهدين — ربما يكونون قد سمعوا بالنتائج التي زعم فيكاري أنه توصل إليها — اتصلوا ليقولوا إنهم شعروا أنهم أكثر جوعًا وعطشًا بعد إذاعة البرنامج.
وجاءت نتائج اختبارات أخرى أكثر تنظيمًا أجريت للتحقق من قدرة الرسائل اللاشعورية على التأثير في اختيارات المستهلكين أو ؛ آراء الناخبين في معظمها سلبية (أيك وهايمان، ١٩٩١ ؛ لوجي وديلا سالا، ١٩٩٩ مور، ١٩٩٢ ؛ براتكانيز، ١٩٩٢ ). حتى يومنا هذا لم يظهر أي دليل يعتد به على أن الرسائل اللاشعورية يمكن أن تؤثر على قرارات المستهلكين أو اختيارات الناخبين، فما بالنا بإمكانية أن تمنحنا هذه الوسائل ذكريات مثالية أو ثديين أكبر حجمًا.
ربما كانت أغرب المزاعم على الإطلاق تلك التي ادعت أن فرق موسيقى "Heavy Metal" وهي لون من ألوان موسيقى الروك — مثل فرقة "جوداز بريست" تضمن موسيقاها رسائل شيطانية "معكوسة" ادعى هواة إثارة القلق والمخاوف أن هذه الرسائل شجعت الميول الانتحارية، مع أنه لا يوجد سبب منطقي يدعو أعضاء هذه الفرق إلى إبادة مشتريي ألبوماتهم المرتقبين. بل إن البعض أكد أن الأمر برمته هو مخطط لتحطيم معنويات مشجعي الموسيقى الشبان. قد يرد عليهم الكثيرون بأن الشباب عمومًا يقدمون على الانتحار بلا تشجيع ودون أي مساعدة لاشعورية خاصة، ولكن ذلك لا يهم.
أخضع جون فوكي وجيه دون ريد ( ١٩٨٥ ) فكرة الرسائل اللاشعورية المعكوسة لاختبار منهجي علمي. ففي إحدى التجارب الطريفة وجد الباحثون أن المشاركين الذين لديهم ميول متحفظة، عند التلميح إليهم بأسلوب غير مباشر بما هم على وشك أن يستمعوا إليه، يميلون على الأرجح إلى ملاحظة مادة خليعة عند الاستماع إلى فقرات معكوسة من الكتاب المقدس، مع كون مثل هذه المادة غير موجودة. تشير هذه النتائج إلى أن الأشخاص الذين يزعمون أنهم سمعوا رسائل شيطانية مضمنة في الموسيقى المتداولة في الأسواق بكميات كبيرة يسمحون لخيالاتهم المشحونة أن تترجم المادة الموسيقية الخليعة لأنماط صوتية لا تحمل أي معنى؛ فالمشكلة تكمن في أذن المتلقي.
لم تأت الاختبارات التي أجريت على المنتجات التي تهدف إلى مساعدة الذات من خلال الوسائل اللاشعورية بنتائج أفضل، حيث أجرى أنطوني جرينوالد وزملاؤه اختبارًا مزدوج التعمية على شرائط صوتية متداولة في الأسواق تخاطب اللاشعور، ويزعم المروجون لهذه الشرائط أنها تعمل على تحسين الذاكرة أو الاعتداد بالنفس. أخبروا نصف المشاركين أنهم يستمعون إلى الشرائط التي تعمل على تحفيز الذاكرة، وأخبروا النصف الآخر أنهم يستمعون إلى الشرائط التي من شأنها أن تعزز الاعتداد بالنفس.
كانت كل مجموعة من هاتين المجموعتين تنقسم إلى نصفين، نصف حصل على الشرائط التي كان ينتظرها، والنصف الآخر حصل على الشرائط التي تبث الرسالة الأخرى. جاءت ردود أفعال المشاركين عن شعورهم بالتحسن متوافقة مع نوع الشرائط التي " كانوا يعتقدون" أنهم حصلوا عليها، فالأشخاص الذين حصلوا على الشرائط الداعمة للاعتداد بالذات وهم يعتقدون أنها تلك التي تحسن الذاكرة أبدوا سعادتهم بالتحسن الظاهري الذي طرأ على ذاكرتهم، والعكس صحيح.
دفعت هذه النتيجة الغريبة جرينوالد وزملاءه إلى أن يطلقوا على هذه الظاهرة " التأثير الخادع للعلاج الوهمي " فحالة المشاركين لم تتحسن، ولكنهم ظنّوا ذلك.
وبالرغم من التفنيد المقنع الذي قدمته الأوساط العلمية لهذا المفهوم، لا تزال الإعلانات المعتمدة على الرسائل اللاشعورية تقفز إلى السطح بين الحين والآخر. فخلال حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام ٢٠٠٠ لاحظ الديمقراطيون من ذوي البصر الحاد أثناء مشاهدتهم لإعلان يهاجم فيه الجمهوريون مرشح الرئاسة الأمريكي آل جور أن كلمة "RATS" و تعني "جرذان" قد أومضت لفترة وجيزة فوق وجه آل جور (بيرك، ٢٠٠٠ ).
ادعى مصمم الإعلان أن انفصال آخر أربعة أحرف عن الكلمة الطويلة التي كان يعنيها وهي Bureaucrats "البيروقراطيين" كان من قبيل الصدفة البحتة , ولكن خبراء الإنتاج الإعلاني قالوا إن فرصة حدوث خطأ غير متعمد كهذا مستبعدة مع وجود التكنولوجيا المتقدمة المستخدمة في تصوير هذا الإعلان.
يعرف الكثير منا أن علماء النفس والمعلنين يمكنهم أن يعرضوا علينا الصور والأصوات لمدة قصيرة للغاية أو بصوت واهن جدٍّا حتى إننا لا نستطيع أن ندركها. ولكن هل يمكن أن تؤثر هذه المثيرات الضعيفة على سلوكنا بقوة؟ هناك صناعة تسعى إلى الربح تأمل أن يكون اعتقادك أن الإجابة هي "نعم" .
شبكة الإنترنت، والمعارض التي ينظمها أنصار حركة العصرالجديد ومجلاتهم، والصحف الصفراء و "البرامج الإعلانية" التليفزيونية التي تذاع في وقت متأخر من الليل، والمكتبات، كلها تروج لأسطوانات مدمجة وشرائط تعد بأن تمنح من يشتريها الصحة والثروة والحكمة. من بين الشرائط التي نفضلها شخصيٍّا تلك التي تعد بتكبير الثدي، أو التخلص من الإمساك، أو تحسين الحياة الجنسية، أو الشفاء من الصمم (مع أن الآلية التي يستطيع من خلالها شخص أصم أن يلتقط الأصوات اللاشعورية لا تزال أمرًا مبهمًا حقٍّا.) إذا أخذنا في الاعتبار الترويج واسع الانتشار لعملية الإقناع اللاشعوري الذي تطلقه أوساط علم النفس الشعبي، فلن نندهش عندما نعرف أن ٥٩ ٪ من طلاب علم النفس بالجامعات الذين اختبرهم لاري براون ( ١٩٨٣ )، و ٨٣ ٪ من أولئك الذين اختبرتهم أنيت تايلور وباتريشيا كوالسكي قالوا إنهم يظنون أن هذا النوع من الإقناع ناجح.
ومن المثير للدهشة أن هناك دلائل تشير إلى أنه عند التحكم الجيد في بيئة المعمل يتمكن علماء النفس من إثبات وجود تأثيرات لاشعورية قصيرة الأجل ومتواضعة.
في هذه التجارب يعرض الباحثون كلمات أو صورًا "تحضيرية" على إحدى الشاشات لمدة قصيرة للغاية حتى إن المشاهدين لا يدركون محتوى ما ومض على الشاشة.
في لغة علم النفس تزيد المثيرات التحضيرية أو المبدئية من السرعة أو الدقة التي سنتعرف بها على مثير لاحق. بعد ذلك يحدد القائمون على التجربة هل أثرت المعاني أو المحتوى الشعوري للمثيرات التحضيرية على استجابات المشاركين للمهمة المطلوبة منهم أم لا عن طريق إعطائهم كلمة ليكملوا الحروف الناقصة بها أو صورة لشخص ليقيموا المشاعر البادية عليه فيها.
يقدم لنا مثلًا نيكولاس إيبلي وزملاؤه وصفًا لإحدى التجارب التي طلب الباحثون خلالها من طلاب الدراسات العليا بقسم علم النفس أن يطرحوا أفكارًا جديدة لمشاريع الأبحاث (إيبلي، وسافيتسكي، كاشيلسكاي، ١٩٩٩ ) بعدها عرض الباحثون على الطلاب صورًا تومض ثم تختفي من الشاشة بسرعة فائقة تبين إما وجهًا مبتسمًا لأحد زملائهم أو وجه مشرف كليتهم العابس. لم يفهم الطلاب أي شيء من هذه المثيرات سوى أنها ومضات ضوئية. ثم بعدها أخذ الطلاب في تقييم جودة الأفكار البحثية التي قدموها. كان إعجاب الطلاب الذين عُرضت عليهم صور المشرف العابس بأفكارهم هم أنفسهم أقل من إعجاب أولئك الذين عُرضت عليهم صور زميلهم المبتسم، دون أن يعرفوا السبب وراء ذلك.
بإمكان الباحثين أن يؤثروا بنفس هذه الطريقة على السلوكيات اللفظية، فحينما تتكرر فكرة معينة في سلسلة من الكلمات التحضيرية التي تومضثم تختفي بسرعة بحيث لا يدركها المشاهدون، قد تزداد احتمالية أن يختار المشاركون كلمة ذات صلة .( بهذه الفكرة عندما تعرض عليهم مجموعة من الكلمات البديلة (ميريكل، ١٩٩2) .
على سبيل المثال: إذا عرضنا على أحد المشاركين في التجربة حرفين مثل "دل" و طلبنا منه أن يكون كلمة كاملة، قد يختار هذا الشخص كلمة "دليل" أو "دلو" وتظهر الأبحاث أننا يمكن أن نعزز احتمال أن يختار الأفراد المشاركون كلمة "دليل" من خلال توجيههم لذلك بعرض صور تحضيرية لاشعورية عليهم لكلمات مثل "مرشد" و "قائد" و "مرافق" ,في حين يمكن أن نزيد من احتمال اختيارهم لكلمة "دلو" من خلال عرض صور تحضيرية لاشعورية لكلمات مثل "إناء" , "وعاء" و "سطل" .
تعني كلمة "لاشعورية" أنها "تحت عتبة الشعور" و عتبة الشعور - المعروفة أكثر ب " العتبة الحسية " - هي ذلك النطاق الضيق الذي يتحول فيه مثير متناقص يكاد يكون ملحوظًا إلى مثير يكاد يكون غير ملحوظ. وفي حالة كون المثير كلمة أو عبارة، فأول عائق عليه أن يتخطاه هو " عتبة الملاحظة البسيطة " , وهذه هي النقطة التي يبدأ المشاركون عندها في الإدراك بصعوبة أن الباحث قد عرض عليهم شيئًا، ولكنهم لا يستطيعون أن يحددوا "ماهية" ما رأوه أو سمعوه .
يتعين على الباحث أن يعرض المثير لمدة أطول وبقوة أكبر حتى يصل المشاركون إلى المرحلة التالية من الإدراك، ألا وهي "عتبة التمييز" و تلك هي النقطة التي يتمكن المشاركون عندها من أن يحددوا ما سمعوه أو ما رأوه. إذا كانت مدة عرض المثير ضئيلة للغاية، أو إذا غطت الضجة عليه تمامًا لدرجة جعلته غير قادر على إثارة استجابة نفسية بعين المستقبل أو أذنه، فلا يمكن له أن يؤثر على أي شيء يفكر فيه أو يشعر به أو يفعله هذا الشخص. في بعض الأحيان يمكن للرسائل الموجودة بالمنطقة الرمادية ما بين عتبتي الملاحظة والتمييز، أو ببساطة تلك التي لا ننتبه لها، أن تؤثر على مشاعرنا أو سلوكنا.
يعلق القائمون على مجال مساعدة الذات بالأساليب اللاشعورية آمالهم على أن يصدق الناس الادعاء القائل إن المخ يستوعب المعاني المركبة للعبارات التي تعرض عليه بمستويات متضائلة للغاية أو مغمورة بمثيرات أقوى تطغى عليها ويعمل وفقًا لهذه المعاني. والأكثر من ذلك أنهم يزعمون أن هذه المثيرات اللاشعورية المستترة شديدة الفعالية لأنها تتسلل إلى داخل اللاوعي، حيث يمكنها أن تحرك خيوطك كأنها محرك الدمى الذي يختفي خلف الستار. هل يجب أن يشعرك ذلك بالقلق؟ واصل القراءة.
يسلم علم النفس الحديث بأن معظم عمليات المعالجة العقلية تحدث خارج نطاق الوعي المباشر؛ فالمخ يتعامل مع أكثر من مهمة في وقت واحد دون أن يراقبها بوعي (كيلستورم، ١٩٨٧ ؛ لين وريو، ١٩٩٤ )، ولكن هذا بعيد كل البعد عن نوعية المعالجة غير الواعية التي يتخيلها أنصار المؤثرات اللاشعورية المنتمون إلى علم النفس الشعبي، فهؤلاء الأشخاص لا يزالون يعيشون في العصر الذهبي للآراء الفرويدية الصارمة عن اللاوعي؛ تلك الآراء التي نبذها منذ أمد بعيد أخصائيو علم النفس الذين يسيرون وفق المنهج العلمي (باورز، ١٩٨٧ )، فهم ينظرون إلى اللاوعي — مثلما ينظر إليه فرويد — على أنه مكمن النوازع البدائية التي تكون نوازع جنسية في معظمها والتي تعمل خارج وعينا لكي تفرض علينا اختياراتنا.
في كتابه "المقنعون الخفيون" الذي حقق مبيعات مذهلة في عام ١٩٥٧ ، تناول فانس باكارد ذلك المنظور للاوعي بأسلوب مبسط؛ فقد أقر — من دون توجيه أي انتقادات — القصة التي رواها خبير التسويق جيمس فيكاري عن التجربة الناجحة التي يفترض أنه أجراها بواحدة من دور العرض بمنطقة فورت لي بنيوجيرسي، والتي بث خلالها إعلانًا دعائيٍّا من خلال الرسائل اللاشعورية. زعم فيكاري أنه خلال عرض أحد الأفلام، كرر بث الرسائل التي تحث المشاهدين على شراء الفشار والكوكاكولا، وكانت هذه الرسائل تومض على الشاشة مدة لا تتعدى ١ /3000 جزء من الثانية ثم تختفي. قال فيكاري: إن أرقام مبيعات الفشار والكوكاكولا قفزت خلال الأسابيع الستة التي استغرقتها هذه "التجربة" مع أن رواد السينما لم يكونوا على وعي بهذه الأوامر التي عُرضت عليهم. وحظيت النتائج التي توصل إليها فيكاري بقبول واسع لدى العوام، مع أنه لم يقدمها قط إلى أي من المجلات العلمية لكي تتفحصها، ولم يتمكن أحد من التوصل إلى نتائج مماثلة لها مرة أخرى. وبعد أن تعرض لكثير من النقد، اعترف فيكاري أخيرًا في عام ١٩٦٢ أنه قد اختلق القصة بأكملها في محاولة منه لإنعاش مشروعه التجاري بمجال استشارات التسويق الذي كان يمر بحالة من التراجع (مور، ١٩٩٢ ؛ براتكانيز، ١٩٩2 ) .
لم ينجح اعتراف فيكاري في تخفيف موجة الاتهامات المتكلفة الموجهة ضد القائمين على صناعة الدعاية والإعلان بوصفهم يوجهون العامة الغافلين حسني النية من خلال الوسائل اللاشعورية. في سلسلة من الكتب تحمل عناوين مثيرة مثل كتاب "الإغواء اللاشعوري " (1973) زعم ويلسون براين كي، أستاذ علم النفس السابق، أن القائمين على صناعة الإعلان يحيكون المؤامرات من أجل التأثير على اختيارات المستهلك عن طريق تضمين صور جنسية ضبابية ضمن إعلانات المجلات والإعلانات التليفزيونية التي تصور قوالب الثلج، وأطباق الطعام، وقصات شعر العارضات، وحتى صور البسكويت. حذر كي بشدة من أن التعرض لهذه الصور المقنعة حتى ولو مرة واحدة يمتد تأثيره على اختيارات المستهلك لأسابيع.
لم يقدم كي أي دلائل حقيقية يدعم بها مزاعمه، إلا أن حالة القلق العامة دفعت لجنة الاتصالات الفيدرالية إلى أن تحقق في مزاعمه. لم تتوصل لجنة الاتصالات الفيدرالية إلى أي دلائل على أن الإعلانات التي تستخدم رسائل لاشعورية تنجح في أغراضها، ولكنها أعلنت مع ذلك أن هذا النوع من الإعلانات " يضر بمصلحة الجمهور" وحذرت محطات البث المرخصة من استخدام هذه الوسائل. والأكثر من ذلك أن الجمعيات التجارية للعاملين في مجال الإعلان — في محاولة منها لامتصاص غضب الجمهور — فرضت قيودًا طوعية طالبة من أعضائها أن يبتعدوا عن محاولات "الضرب تحت حزام الوعي" إن جاز التعبير.
مع أن فيكاري محتال صريح، ومع أن كي لم يُخضع آراءه الغريبة لاختبار حقيقي، فلا يزال البعض يعتقدون أن المزاعم المؤيدة لعملية الإقناع اللاشعوري جديرة بالبحث. ولذا أجرت هيئة الإذاعة الكندية في عام ١٩٥٨ اختبارًا غير مسبوق شمل كل أنحاء كندا. أثناء عرض أحد البرامج التليفزيونية الشهيرة في ليلة الأحد أبلغت الهيئة المشاهدين أن المحطة على وشك أن تجري اختبارًا لآليات الإقناع اللاشعوري. ثم بثت هيئة الإذاعة الكندية بعدها عبارة " اتصل الآن " 352 مرة خلال البرنامج بحيث تظهر هذه العبارة وتختفي بسرعة فائقة لا يستطيع المشاهدون معها أن يلاحظوا ظهورها. لم تشر سجلات شركة التليفونات إلى أي ارتفاع في معدل استخدام الهاتف، ولم يُلحظ وجود زيادة كبيرة في المكالمات الهاتفية التي تلقتها قنوات التليفزيون المحلية، إلا أن قلة من المشاهدين — ربما يكونون قد سمعوا بالنتائج التي زعم فيكاري أنه توصل إليها — اتصلوا ليقولوا إنهم شعروا أنهم أكثر جوعًا وعطشًا بعد إذاعة البرنامج.
وجاءت نتائج اختبارات أخرى أكثر تنظيمًا أجريت للتحقق من قدرة الرسائل اللاشعورية على التأثير في اختيارات المستهلكين أو ؛ آراء الناخبين في معظمها سلبية (أيك وهايمان، ١٩٩١ ؛ لوجي وديلا سالا، ١٩٩٩ مور، ١٩٩٢ ؛ براتكانيز، ١٩٩٢ ). حتى يومنا هذا لم يظهر أي دليل يعتد به على أن الرسائل اللاشعورية يمكن أن تؤثر على قرارات المستهلكين أو اختيارات الناخبين، فما بالنا بإمكانية أن تمنحنا هذه الوسائل ذكريات مثالية أو ثديين أكبر حجمًا.
ربما كانت أغرب المزاعم على الإطلاق تلك التي ادعت أن فرق موسيقى "Heavy Metal" وهي لون من ألوان موسيقى الروك — مثل فرقة "جوداز بريست" تضمن موسيقاها رسائل شيطانية "معكوسة" ادعى هواة إثارة القلق والمخاوف أن هذه الرسائل شجعت الميول الانتحارية، مع أنه لا يوجد سبب منطقي يدعو أعضاء هذه الفرق إلى إبادة مشتريي ألبوماتهم المرتقبين. بل إن البعض أكد أن الأمر برمته هو مخطط لتحطيم معنويات مشجعي الموسيقى الشبان. قد يرد عليهم الكثيرون بأن الشباب عمومًا يقدمون على الانتحار بلا تشجيع ودون أي مساعدة لاشعورية خاصة، ولكن ذلك لا يهم.
أخضع جون فوكي وجيه دون ريد ( ١٩٨٥ ) فكرة الرسائل اللاشعورية المعكوسة لاختبار منهجي علمي. ففي إحدى التجارب الطريفة وجد الباحثون أن المشاركين الذين لديهم ميول متحفظة، عند التلميح إليهم بأسلوب غير مباشر بما هم على وشك أن يستمعوا إليه، يميلون على الأرجح إلى ملاحظة مادة خليعة عند الاستماع إلى فقرات معكوسة من الكتاب المقدس، مع كون مثل هذه المادة غير موجودة. تشير هذه النتائج إلى أن الأشخاص الذين يزعمون أنهم سمعوا رسائل شيطانية مضمنة في الموسيقى المتداولة في الأسواق بكميات كبيرة يسمحون لخيالاتهم المشحونة أن تترجم المادة الموسيقية الخليعة لأنماط صوتية لا تحمل أي معنى؛ فالمشكلة تكمن في أذن المتلقي.
لم تأت الاختبارات التي أجريت على المنتجات التي تهدف إلى مساعدة الذات من خلال الوسائل اللاشعورية بنتائج أفضل، حيث أجرى أنطوني جرينوالد وزملاؤه اختبارًا مزدوج التعمية على شرائط صوتية متداولة في الأسواق تخاطب اللاشعور، ويزعم المروجون لهذه الشرائط أنها تعمل على تحسين الذاكرة أو الاعتداد بالنفس. أخبروا نصف المشاركين أنهم يستمعون إلى الشرائط التي تعمل على تحفيز الذاكرة، وأخبروا النصف الآخر أنهم يستمعون إلى الشرائط التي من شأنها أن تعزز الاعتداد بالنفس.
كانت كل مجموعة من هاتين المجموعتين تنقسم إلى نصفين، نصف حصل على الشرائط التي كان ينتظرها، والنصف الآخر حصل على الشرائط التي تبث الرسالة الأخرى. جاءت ردود أفعال المشاركين عن شعورهم بالتحسن متوافقة مع نوع الشرائط التي " كانوا يعتقدون" أنهم حصلوا عليها، فالأشخاص الذين حصلوا على الشرائط الداعمة للاعتداد بالذات وهم يعتقدون أنها تلك التي تحسن الذاكرة أبدوا سعادتهم بالتحسن الظاهري الذي طرأ على ذاكرتهم، والعكس صحيح.
دفعت هذه النتيجة الغريبة جرينوالد وزملاءه إلى أن يطلقوا على هذه الظاهرة " التأثير الخادع للعلاج الوهمي " فحالة المشاركين لم تتحسن، ولكنهم ظنّوا ذلك.
وبالرغم من التفنيد المقنع الذي قدمته الأوساط العلمية لهذا المفهوم، لا تزال الإعلانات المعتمدة على الرسائل اللاشعورية تقفز إلى السطح بين الحين والآخر. فخلال حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام ٢٠٠٠ لاحظ الديمقراطيون من ذوي البصر الحاد أثناء مشاهدتهم لإعلان يهاجم فيه الجمهوريون مرشح الرئاسة الأمريكي آل جور أن كلمة "RATS" و تعني "جرذان" قد أومضت لفترة وجيزة فوق وجه آل جور (بيرك، ٢٠٠٠ ).
ادعى مصمم الإعلان أن انفصال آخر أربعة أحرف عن الكلمة الطويلة التي كان يعنيها وهي Bureaucrats "البيروقراطيين" كان من قبيل الصدفة البحتة , ولكن خبراء الإنتاج الإعلاني قالوا إن فرصة حدوث خطأ غير متعمد كهذا مستبعدة مع وجود التكنولوجيا المتقدمة المستخدمة في تصوير هذا الإعلان.